نظام الدين إبراهيم أوغلو
1ـ إثبات وجود الله تعالى عن طريق دلائل فطرية وعقلية وسببية.
يكون إثبات الله عن طريق دلائل فطرية، ونعرفه بالغريزة السليمة والحس السليم. أو عن طريق دلائل عقلية ونعرفه بالنظريات العلمية. أو عن طريق دلائل سببية ونعرفه بقاعدة لكل معلول علة: ففي الدلالة الأولى الايمان الفطري والغريزي، يكون بالفطرة التي فطر الله الانسان عليها، والفطرة هو أن يحس كل إنسان ويشعر بوجدانه أنه يوجد قوة خارقة في الكون وهو الله تعالى، وإن لم يدركه العقول والأبصار. وبسبب احتمال وقوع الفطرة أو الوجدان في الخطأ فلابد من استعمال العقل معها. علمًا أن علم الاجتماع وعلم الطبيعة والتاريخ الإنساني كلهم يرون أن الإنسان مخلوق متديّن،ذو ميول طبيعية دينية، وحتى أنه لم يوجد شعب في أي عصر أو مكان ما لم نجد فيها بدون ظهور النبي ليثبت لهم وجود الله وأمرهم بهم بطاعته وتقديسه، ولانجد لغة في العالم خالية من اسم الله أو ممَّن هو في مقام الله. وبما أن اللّغةتعبّر عن أفكار الإنسان وإحساساته يكون ذلك دليلاً على أن شعور الإنسان بوجود اللهعميق في قلوب المجتمعات البشرية. لذا لا يقدر أي مخلوق أن يعرِّف الله كما هو، وإنما يمكننا أننعرِّفه بما يميزه عن كل من سواه.
أما في الدلالة الثانية الايمان بالله عن طريق العقل والنظريات العلمية، وهذا يعتمد على الاستدلال العقلي وبالعلم الذي علم الله أدم الأسماء كلها، وعلمهم بالقلم. وبالعقل المهداة من قبل الله تعالى إلى الإنسان، يكون التعلم والتفكير والتدبر في خلق السموات والأرض. والعقل الإنساني يقول: لو كان في الكون ألهتان أو ألهة كثيرة لفسدت الأرض والسّماء فقال تعالى (لو كان فيهما ألهةً الاّ الله لفسدتا، فسبحان الله ربّ العرش عمّا يصفون لا يُسئل عما يفعل وهم يُسئلون) الأنبياء، 22، 23.والذي علم آدم، علم الآنبياء أيضًا أن الله واحد أحد، الذي لم يلد ولم يولد وهو الذي يستحق الشكر والتقديس والسجدة فقط، ونزول المصاحف والكتب السماوية عن طريق الوحي إثبات على وجود الله تعالى، ومعجزات الأنبياء في العصور القديمة دلائل على وجود الله تعالى. وأكبر دليل على وجود الله تعالى هو القرآن الكريم وإعجازه سواء في بلاغته وبيان العلوم فيه واعتباره أساس مصادر العلوم وموضوع الإسراء والمعراج ورفع السماء بغير عمد ترونها ونحو ذلك. ونتعلم من القرآن إثبات الله في خلقه الانسان (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)، فلينظر الانسان إلى نفسه وكيف أنه خُلق من الطّين ثم من ماء دافق أي من ماء الرجل ودم المرأة، وليفكر من الذي شاء فخلقه؟ وكيف أنه يموت ولا يستطيع أن يحيي نفسه. وكيف أن الله خلق فيهم الفروق في إبهام الانسان وصفاته.
والدّليل الثالث هو عن طريق دلائل سببية: وهو المعرفة بقاعدة لكل معلول علة، كما ذكرنا ويسمى هذا بقانون العلية وأن لكل معلول علة لأنه لا بناء من دون بنّاء، ووجود المعلول دليل على وجود العلة. كما أن وجود البيت المبني دليل على وجود البنّاء.
لذا لا يمكن إنكار وجود الله تعالى وهو يعرف جيدًا، والمؤمن يؤمن يقينًا بأن الذي خلقهم وخلق الكائنات والذي خلق الموت والحياة والرزق والشفاء هو الله تعالى. فقال تعالى (الَّذِي خَلَقَني فَهْوَ يَهْدِيني وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُني وَيَسْقِينيوَإذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ، وَالَّذِي يُمِيتَني ثُمَّ يُحْيينِ وَالَّذِيأطمَعُ أنْ يَغْفَرَ لِي خَطِيئَتي يَوْمَ الدِّينِ) الشعراء، 78ـ82.وإليكم آيات تدل على وجود الله تعالى كثيرة منها: قال تعالى (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ) سورة الأعراف، 65. وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) سورة الأعراف، 73 . (بَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينوَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ) البقرة، 213. وهناك آيات علمية كثيرة تدل على وجود الله تعالى وعلى خلق المخلوقات والكائنات لأجل الإنسان.
2ـ الكمال لله وفاقد الشيء لا يعطيه:
يمكن أن نقول أنه ليس من المنطقي أن ينتج الكون شيئاً وهو لا يملكه، والتي سبق أن ذكرنا بعض الشئ عنها، وكيف أنه لا يمكن أن يخلق صدفة ونحو ذلك. لذا لا يمكن للمادة الغير الحية أن يخلق مادة حيّة، والمخلوق كيف يمكن أن يخلق خلقًا أخر وقد خلقه ربّ السموات والأرض. فلو نظرنا إلى مراحل خلق الله للكائنات لعرفنا قدرة الله أكثر، خلق الإنسان من ماء ثمّ أصبح مضغة ثمّ كسى العظام بمضغة وأخيرًا أصبح جنينًا ثم طفلاً له كامل أوصاف البشر، وأنظر إلى الكتكوت كيف يكسر البيض بالقرن ويخرج منه؟ فمن الذي أعطاه القرن وبعد الكسر يخفيه؟ وأنظر كيف سخّر الله حبة الباقلاء إذا زرعناه بأي شكل من الأشكال سوف يكون سويقها فوق الأرض فمن الذي يحركه ويُعده تحت التراب؟ وأنظر إلى قدرة وكمال الخالق كيف أنه سخّر الجمل الكبير لطفل صغير ليجره إلى ما يشاء! فالذي لا يستطيع أن يملك لنفسه السعادة والصحة والنصرة الدائمة لنفسه أو أن يحفظ نفسه من الهرم والفشل والهزيمة والموت فكيف يمكن له أن يعطي أو ينشر للناس السعادة والصحة والحياة. لقد إدّعى كثير من الطغاة في التاريخ من فرعون ونمرود وإستالين وهتلر من الملاحدة والطغاة ومثلهم في تواريخ مختلفة. أنهم يملكون كل شيئ وأنهم قادرون على كل شئ، يحييون ويميتون ويصنعون المعدات والتكنولوجيا، وإن إدّعوا أنهم كشفوها الشيء وأوجدوها واخترعوها وصنعوها، فهذا لا يعني أنهم هم المصدر الأول والصانع الأول والكاشف الأول وهم الذين خلقوا المواد الأولية لها.
ومن المسلَّم لدى العقلاء أن يعلموا أنه لمْ يخلق نفسه،بل كان معدوماً، والعدم لا يخلق شيئاً، ولم تخلقه الطبيعة، لأن الطبيعة هي عبارة عنالأحجار والأشجار والأنهار والبحار، وكل هذه صماء بكماء لا تعقل، وهي فاقدة للقوةوالبصر والسمع والعقل، وغير ذلك. فكيف تعطي الإنسان ما هي فاقدة له؟! وكما يقال (فاقد الشيء لا يعطيه)، ثم إن المصنوع مرآة لبعض صفات الصانع،فإذا نظرنا إلى باب البيت الخشبي سنجد ما يدلنا على بعض صفات صانعه، ففيه الإتقانالذي يدلنا على أن صانعه خبير بطرائق صنع الأبواب، قادر على تشكيلها، مالك للأدواتاللازمة لذلك، غير أن هناك صفات للصانع لا نعلمها خلال الباب، مثل: ماذايحب من الطعام؟ وماذا يكره؟ وهل هو طويل أم قصير؟ ومن أصحابه؟ ومن أعداؤه؟ فهذهالصفات لا يمكن معرفتها إلا عن طريق من يعرف النجار.فهذا المثال الذي ضربناهإنما هو من باب التقريب للأذهان، ولله المثل الأعلى فالله جل وعلا هو خالق كلشيء، ويمكننا معرفة صفاته عن طريق الوحي، ثم عن طريق آثار هذه الصفات، قال تعالى:(فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحي الأرض بعد موتها) فآثار الرحمة تدل على الرحيم،وآثار الحكمة تدل على الحكيم، وهكذا.
وإليكم قصة إبراهيم (ع) مع نمرود: قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) البقرة، 258. نبينا إبراهيم (ع) ينسب لله أنه يجعل الشمس تشرق من الشرق ويطالب النمرود أن يجعلها تشرق من الغرب، فيقول إبراهيم هاهى الشمس تشرق من الشرق ومن دون أن تغيب إلى يوم القيامة، ليأتى الدور عليك أو على إلهك فيجعلها تشرق من الغرب فى اليوم التالى.
3ـ إثبات الأعرابي على وجود الله تعالى:
سُئل إعرابي عن الدّليل على وجود الله تعالى فقال: البعرة تدل على البعير، والرّوثة تدل على الحمير، وأثار القَدم تدلّ على المسير، فسماء ذات أبراج وأرضٍ ذات فُجاج وبحار ذات أمواج أما تدلّ على الصانع الحليم العليم القدير. هذا هو الأسلوب السّليم في الوصول إلى الحقائق فيكون بالتفكر والتعقل والسّؤال عن الملموسات والمواد، ونحن كبشر مسؤولون عن معرفة الحقائق وصحة الجواب، والقرآن الكريم يؤكد وبشكل مفصل على هذا الموضوع ويأمرنا على السؤال وطلب العلوم في كافة المواضيع عدا الأمور الغيبية ومواضيع ما وراء الطبيعة لأننا لسنا مسؤولون عنها ومهما استطعنا في البحث عن حقائقها نبقى عاجزين أمامها وما علينا إلاّ السمع والطاعة أمام عظمة خالق هذا الكون. وقد يقال الإثبات هنا أثر للمادة، ولكن الله تعالى ليس بمادة. ونقول الذي خلق الكون من المادة هو الله حتى يتلائم قوانين الكون، والله تعالى يستطيع أن يغير هذه المادة، بعد نسفها يوم الحشر إلى شيئ أخر يلائم قوانين ذلك المكان. يعني هناك أرتباط بين قوانين الله وعرشه وجنته وجهنمه، وبين قوانين الأرض وهما مكملان لبعضهما. ووجود الله والجنة والنار والنعيم والعذاب ثابت، ويمكن الوصول إليهم بعد تغيير تركيبنا لكي نلائم قوانين الله تعالى.
4ـ القرآن الكريم يعلمنا أن الغيب نوعان:
الأول. غيب مطلق منها: الموت والحياة والأخرة والجنة والجهنم والملائكة والحساب ونحو ذلك لا يعلمه أحد. والثاني. غيب نسبي: إثبات الله تعالى والتي يمكن للإنسان أن يعلمه ويحس بحواسه وبفطرته. ونتعلم وجوده ببيانه لنا قبل أكثر من 1400 سنة فقال ( له ما في السموات وما في الأرض وما بينهنا وما تحت الثرى) أي تحت الأرض، وكلها من صنع الله لقد بينها لنا معجزاته والعلماء كشفوها بعد القرن العشرين. والله تعالى يبلغنا بعدم إدراك الغيب كلها بالعقول والأبصار القاصرة والمحدودة في قابليتها وقدرتها، لأنه الله خلقهم وحدد واجباتهم. ومن آيات الغيب قال تعالى ) إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرةٍ وأجرٍ كريم( سورة يس، 11. وقوله )من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلبٍ منيب ( سورة ق، 33. وقوله ) إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرةٌ وأجرٌ كبير( سورة الملك، 12. وهذه الآيات وغيرها تدل على مكانة الإيمان بالغيب، وخشية الله تعالى بالغيب، لأن من آمن بالغيب إيماناً صادقاً راسخاً نشطت جوارحه في الأعمال وحسنت أعماله وأقواله، وأحواله كلها فيعيش راضياً مرضياً.
ويمكن أن نضيف هنا أن الله خالق عقول البشر، وهو الذي يعلمهم ويوحي إليهم بأن يكشفوا الموجود ويصنعوا منها ما يفيدوهم ويسهل حياتهم، من نعم السموات والأرض، فقال تعالى (وعلّم آدم الأسماء كلها). فالله تعالى علم الانسان وهم أمام قدرته عاجزين وهم مكتفين بما علمهم الله، لذا لا يمكن أن يعرفوا الغيب، التي تعجزه الأبصار والعقول. فالعقل والبصر الذي لا يستطع أن يعرف أو أن يرى بما في الدنيا من ماهية التيار الكهربائي والموجات والجاذبية والمغناطيس الذي يستعمله. أو رؤية رؤية الأشعة فوق البنفسجية والفيروسات والأشياء الموجودة في الغرف وفي البيت، والأشياء الموجودة خلفنا وهكذا فكيف يمكن لهما أن يرى ويعرفا الله وعرشه في السموات العلا؟
وإليكم شهادات العلماء والفلاسفة المسلمين وغير المسلمين من الدول الغربية الذين يؤمنون بالغيب وبوجود الله تعالى منذ الأزل. ومن هذه الفلاسفة (1ـ طاليس. 2ـ أرسطو. 3ـ أفلاطون. 4ـ آنا كساغورس. 5ـ أكزنوفنس. 6ـ بارمنبدس. 7ـ مليسوس "تلميذ بارمنبدس". 8ـ نيوتن. 9ـ فيتاغورس. 10ـ عمانؤيل. 11ـ عمانئيل كانت. 12ـ ديكارت. 13ـ سقراط. 14ـ جان جاك روسو. 15ـ جون لوك. 16ـ فرانسيس بوتر. 17ـ شيلر). ونحوهم.
لذا من العبث أن نتعمق في السؤال عن وجوده، لأن الله خلق الكائنات كل شيئ من العدم، وباثبات من العقل الانساني وفطرته، وبتأييد من الأنبياء والأولياء والعلماء المؤمنين والكافرين. ونجيب ونقول للملحدين أنه ليسمن المنطق أن تكون الصدفة والانفجار العظيم كما يدعي الملحدون هى المسؤولة عن كل ما نحن فيه من نعمة ونظام دقيق ومحكمومدبر ومركب بهذا الحجم الكبير، وليس من المنطقي أن ينتجعن الفوضى نظاماً. ولا يمكن أن تنشأ الدنيا من ذرات تحركت تكشفت واتحدت وتكونت الدنيا، ونسأل من أوجد الذرات؟ ومن حركها من السكون؟. "ونقول لا يمكن أن تبدأ الحياة بخلية واحدة في الماء نتيجة تفاعلات كيميائية والتي تمثل نظرية التطور. فنسأل ونقول من أوجد هذه التفاعلات لتصنع الخلية؟، علمًا أن معهد ديسكفري (وهو مناصر لنظرية الخلق) إدّعى عدم وجود تأييد لنظرية التطور لذا يجب عدم تدريسها في المدارس، ولكن المحاكم الأمريكية ألزمت بتدريسها، ومقرها في الولايات المتحدة."[1] ثم لا يمكن أن يكون أصل الانسان قردًا فهي نظرية غبية، ونسأل ونقول لماذا بقيت القرود ولم تتحوب إلى بشر؟ ومن الذي منعها مادام قد حدث في الماضي؟ ولا من الأنفجار العظيم، وسوف نتطرق إليه. لذاوجب وجود إله يدبر أمور هذا الكون العظيم والمستمد عظمته من عظمة الله عزوجل منطقي وعقلي. ولينظر الانسان إلى الحيوانات والنباتات والجبال والكون كلها كيف أنها خلقت وسخرت لأجل الانسان؟ وليدبروا كيف أنه خلق كل هذه المخلوقات والكون ونحوها، فلماذا لا يجتمع الناس ليخلقوا ذبابة؟
5ـ إثبات أرسطو على وجود الله تعالى.
يقول: أن الكرسي من الخشب، والخشب من الشجرة، والشجرة من البذرة، والبذرة من الزارع، فمن زرع البذرة؟ إذا لم يكن الانسان؟ ويمكن أن نقول أن كافة الآديان السمواية وحتى الهندوس والبوذيين يؤمنون بالله تعالى، وإن كانت طريقة إيمانهم محتلفة، ونسب هؤلاء كثيرة جدًا، أما نسبة الملحدين قليلة جدًا، ولكنهم يملكون الإقتصاد والاعلام ويسيطيرون على القوة العسكرية الكبيرة، ولهذا صوتهم مسموع وعملائهم في كل حدب وصوب موجود. (أنظر حوار مع صديقي الملحد تأليف: مصطفى محمود).
6ـ يدعي الملحد أن الدنيا تكونت بعد الانفجار العظيم:
الإمام الأعظم يرد عليه: في يوم من الأيام حضر رجل لا يؤمن بوجود الله تعالى إلى أحد الخلفاء. وقال له في ثقة:" إنني لا أجد أحداً يقنعني بوجود إله وأتحدى أكبر عالم عندكم وإني واثق من النصر عليه. فسكت الخليفة قليلاً، وقال في نفسه:" إن أمرتُ بقتله فسوف يقول الناس أنني لم أستطع مواجهته
بالدليل، ثم نادى وزيره ليستدعي له الإمام النعمان أبو حنيفة، فلما جاءهم طلب منه الخليفة إقناع هذا الرجل بوجود الله تعالى.قال له الإمام أبو حنيفة :" سوف أثبت له ذلك ولكني أستأذنك لكي أنهي أمراً ضرورياً في القرية المجاورة، ثم أعود سريعاً، فأذن له الخليفة، ولكنه تأخر كثيراً، فأحس الرجل بالغرور والكبر وقال للخليفة : "إئذن لي بالانصراف ، فقد هرب أبو حنيفة لأنه عاجز عن إقناعي"، ولكن أبو حنيفة ما لبث أن عاد، واعتذر عن التأخير،ثم أخبرهم أنه وجد في طريقه نهراً ،ولم يجد قارباً، فجلس ينتظر حضور قارب، وطال انتظاره، ثم فجأة رأى أبو حنيفة أمراً عجيباً..رأى أخشاباً تتجمع ومسامير تقف فوق الخشب وظهرت مطرقة وأخذت تدق على المسامير،حتى رأى أمامه قارباً متقن الصنع، فركبه وحضر.فأخذ الرجل يضحك، وقال :" إن هذا الكلام لا يقوله إلا مجنون، ولا يصدقه أحد، فكيف تطير المسامير والألواح في الهواء ،وتتجمع على الماء ويتكون منها قارب دون أن يصنعه أحد؟!"وهنا تبسم أبو حنيفة وقال:" إذا كان وجود قارب صغير بدون صانع لا يصدقه عقل، فهل يصدق العقل أن هذا الكون بكل ما فيه من أرض وسماء وشمس وقمر قد وُجد بنفسه دون أن يخلقه خالق؟!!!"فبهت الرجل ثم قال:" صدقت، فلابد أن يكون لهذا الكون من خالق هو الذي خلقه ونظمه، هو الله. فهذه هي عقول الملحدين.
يمكن أن نضيف هنا أن الله خلق في الدنيا الخير والشّر أي الهداية والضّلالة والكفر، والانسان مخير في اختيار أحد الطريقين فقال تعالى (أَلمْ نَجْعَل لَهُ عَينَينِ، وَلِسَانًا وَشَفتَينِ، وَهدَينَاهُ النَّجدَينِ) البلد، 8ـ 10. وهديناه النجدين أي الطريقين. وللإنسان النفس التي تأمر بالشّر دائمًا، والعقل والوجدان يقفان ضدهما. فقال تعالى (إن النّفس لآمّارةٌ بالسُّوءِ إلاّ ما رَحِمَ ربّي) يوسف، 53. فالذي يسلك طريق الخير يقرأ الكتب الاسلامية الصحيحة ويحشر معهم، والذي يسلك طريق الشّر يقرأ كتب الملحدين ويحشر معهم. ومن كتبهم النظريات الالحادية التي شغلت عقول معظم الناس: 1ـ كتاب داروين ونظريته مراحل تطور البشر. 2ـ فرويد ونظريته في الجنس. 3ـ ماركس ونظريته المادية. 4ـ دور كهايم (كايم) ونظريته حتمية القطيع الجمعي. يشرح التغيير والتقدم الاجتماعي . ومثل ذلك كتب كثيرة.
7ـ دلائل لعلماء الجيولوجيا والطبيعية على عدم أزلية العالم.
(1) العالم على هيئته الحاضرة متغيّر على الدوام، وكل متغيّر حادث. وإلا لزم وجود سلسلة أزلية من التغييرات، كل حلقة منها غير أزلية، أي لها بداية. وهو محال.
(2) الحقائق الجيولوجية تبيّن أن العالم على حالته المركبة ليس أزلياً، فقد توالت عليه تغيرات عظيمة وكثيرة، وتعاقبت عليه سلسلة نُظُم، آخر حلقة فيها هي النظام الحالي. أما القول بأزلية أصول الكون، أي العناصر المركب منها فيستلزم أن المواد قائمة بنفسها، وواجبة الوجود، أي مما لا نقدر أن نتصوَّر عدم وجوده، وهو باطل. والمادة ليست واجبة الوجود، ولا قائمة بنفسها، ولا أزلية. ويعلّمنا القرآن الكريم أن الكون على هيئته الحاضرة نُظِّم بيد الخالق القدير. وعلى فرض صحة القول بأزلية العناصر، لا ينتج من ذلك أن الكون نشأ على حالته الحاضرة من نفسه، لأن العناصر الأصلية بلا حياة وليس لها عقل ولا إرادة ولا قدرة على إيجاد أمرٍ ما. فإذا سلّمنا بأزليتها بقي لزوم بيان علة كافية لحياة الكون وتركيبه ولعقل البشر وقواه.
والخلاصة أن الاستدلال على أن العالم معلول أزلي هو أنه مركب، وكل مركب حادث، ومعروفٌ أن الكون مركب من عناصر بسيطة، وكل مركب معلول. والعناصر البسيطة إما أزلية أو حادثة. فالأول باطل لأن الأزلي واجب الوجود، بخلاف العناصر البسيطة التي يمكن تصوُّر عدمها. وبما أنه لا يُحتمل التصديق أنها أحدثت نفسها لأنها إن كانت علَّةً لنفسها لزم أن تكون قبل أن تكون، وهو محال. وقد تبرهن فساد القول بأزليتها، فلا بد أنها معلولة، وأن لها علةً أزلية أو محدثاً أزلياً. ومهما تكررت المعلولات لا يمكن أن يكون أحدها العلة الأصلية للباقي. فإذا كانت السلسلة المركبة من ثلاث حلقات لا يمكن ثبوتها في الهواء من نفسها، فكم بالحري إذا كانت مركبة من ألوف الحلقات. فإذا لم نجد في أنفسنا سبباً أصلياً لوجودنا ولا في آبائنا وأجدادنا، فمهما رجعنا إلى الوراء لا نصل إلى العلة الأصلية في نفس السلسلة. فنلتزم حسب مقتضى العقل أن نسلّم بوجود علة خارجية واجبة الوجود لها قوة كافية لإحداث العالم وكل ما فيه. وقد اضطر الفلاسفة في كل قرن للتسليم بذلك، فقد أثبت أفلاطون وأرسطو وجود المحرك الأول من وجود الحركات الظاهرة في العالم.
8ـ علم الجيولوجيا يشهد بأن الأرض معلولة، ولكل معلول علة: بدليل:
(1) كل أنواع الحيوان والنبات المعروفة الآن حديثة العهد بالنسبة إلى مدة وجود العالم.
(2) المواد الحالية من الحياة لا يمكن أن تولّد حياة في نفسها ولا في غيرها، بل الحياة وحدها تُحدِث الحياة، أي لا حي إلا من حي.
(3) بعد الفحص الكافي لم يتبرهن أن نوعاً من المخلوقات الحية استحال إلى نوع آخر، فالأنواع الحية ثابتة لا يتولد منها شيء تختلف حقيقته عن حقيقة نوعه. فلا بد لكل نبات وحيوان من بداية، وما له بداية هو مخلوق، والمخلوق لا بد له من خالق. وتشهد العلوم الحديثة أن عمل بعض القوات الطبيعية لا يصح أن يكون أزلياً كالحرارة مثلاً، فإنها على خصائصها المشهورة لا يمكن بموجب تلك الأدلة أن تكون أزلية، ولا بد لها من بداية. فإذا ثبت أن للكون بداية كان السؤال: ما هو سببها، وكيف نشأت؟ والجواب: هو أن ذلك لا يمكن بيانه بل يستلزم التسليم بعلّة أصلية لتلك البداية. ومهما رجعنا إلى الوراء في البحث عن تاريخ الموجودات لا نقدر أن نجيب على هذا السؤال، لأنه وإن صحَّ الرأي السديمي في كيفية تكوين الكون نبقى مفتقرين لمعرفة علة أصلية له، لأنه لا بد له من بداية، وذلك يستلزم مُبدئاً. ثم إن الحياة لا بد لها أيضاً من مبدئٍ، لأن المواد الخالية من الحياة لا تولّد حياة، وكذلك العقل بجميع قواه السامية لا بد له من مبدئٍ. فيلزم وجود خالق هو علة العلل ومبدئ المادة والحياة والعقل.[2]
9ـ القواعد الأربعة للوصول إلى أنّ الخالق ليس بحادث.
1ـ لا بُدّ لكل حادث من محدث: إذن فهذا العالم لابُدّ له من خالق، فإنكارهُ ضلال وخطأ.
2ـ أنّ هذا الخالق كامل مطلق: فنسبة العجز والافتقار إليهِ، ضلال وخطأ.
3ـ أنّ الكامل المطلق لا يفتقر إلى الموجد: فالسّؤال عن خالق الخالق، ضلال وخطأ.
4ـ يُعرف الكامل المطلق ولا يُحاط بهِ: فتوقف الإقرار بهِ على الرّؤية أو الأحاطة، ضلال وخطأ [3]. )لمزيد من المعلومة راجع المصدر في أدناه) .
10ـ المصادر المفيدة في إثبات وجود الله تعالى.
1ـ الله يتجلى في عصر العلم. مجموعة من الباحثين الأمريكيين.
2ـ تهافت الفلاسفة، المنقذ من الضلال، إحياء علوم الدين للغزالي.
3ـ تهافت الفكر المادي التاريخي ـ للدكتور محمد البهي.
4ـ قصة الإيمان بين العلم والفلسفة ـ للشيخ نديم الجسر.
5ـ تهافت التهافت ـ لابن رشد.
6ـ كتاب زعلول النجار. أدلة وجود الله تعالى المادية عن طريق العقل فقط ـ دار القلم ت بيروت ـ 2000م ـ اشراف أحمد الزعبي.
7ـ كبرى اليقينيات. للدكتور البوطي.
8ـ وكتب الفلاسفة المسلمون من ابن رشد، والكندي، والفارابي ومن كتبه الإشارات والتنبيهات، والنجاة ـ لابن سينا (ولكن كتب ابن سينا يحتاج الى الحذر عند القراءة).
9ـ كتب هارون يحيى. (الأستاذ هارون يحيى له جهد كبير بمناقشة الداروينيين لكن لا بد من التحذير أنه عنده مخالفات كثيرة من الناحية العقدية للأسف الشديد).
10ـ فصوص الحكم وكتاب اليقين، والفتوحات المكية محيي الدين بن عربي. ( ولكن يجب الحذر من أقواله عن وحدة الوجود).
الهوامش:
[1] ^ Delgado, Cynthia (2006-07-28). "Finding evolution in medicine" (in english) (hmtl). NIH Record 58 (15). Retrieved 2007-10-22.
http://en.wikisource.org/wiki/Kitzmiller_v._Dover_Area_School_District/4:Whether_ID_Is_Science#Page_83_of_139
^بenglish). From Talk.origins. accessed 2007-10-19. Amicus Curiae brief in Edwards v. Aguillard, 85-1513 (United States Supreme Court 1986-08-18). , available at Edwards v. Aguillard: Amicus Curiae Brief of 72 Nobel Laureates (
[2] المصدر: http://answering-islam.org/Arabic/Books/Theology/chapter9.html
[3] إحياء علوم الدين، للإمام الغزالي، ج1 ، ص 102.
ارسال التعليق